مقالات

خطاب العرش ومتطلبات العصر

الدكتور عادل الطويسي

وردت في خطاب العرش السامي في افتتاح الدورة العادية الثانية لمجلس الأمّة العشرين جملة واحدة حول خارطة الطريق لمستقبل التعليم في المملكة :
“وعلينا أن ننهض بنظامنا التعليمي ليكون أكثر مواكبة لمتطلبات العصر”

فما هي متطلبات العصر؟

يمكن تلخيص متطلبات العصر الذي نعيش فيه، عصر القرن الواحد والعشرون وعصر الثورة الصناعية الرابعة في أربعة مستويات رئيسة: فكري، وتقني، واجتماعي، واقتصادي. وينبثق عن هذه المستويات ألأربعة عدة مسارات يجب أن يتجاوب معها التعليم ، في أي بلد، وكما يلي:

1. مسار المعرفة والوعي:

إذ لم يعد التعليم مرحلة محدودة ينتهي بمراحله التقليدية المعروفة، ماقبل المدرسي، فالمدرسي، فالجامعي. بل ان العصر يتطلب الأنتقال من التعليم الى التعلّم المستمر. كما يتطلب تطوير الوعي النقدي لدى الأجيال بحيث تصبح قادرة عل تحليل المعلومات والتفكير المستقل، والقدرة على التعامل مع التظليل الأعلامي. ومن متطلبات العصر في المستوى المعرفي التركيز على الثقافة الرقمية بما فيها من فهم لعمل الأنترنت، والبيانات، والذكاء الأصطناعي.

2. مسار المهارات التقنية:

وهذه تتضمن مهارات الذكاء الأصطناعي وتحليل البيانات ، والتعامل مع الأمن السيبراني وحماية المعلومات، ومهارات البرمجة والتفكير الحاسوبي، وادارة التكنولوجيا وتوظيفها في الحياة والعمل.

3. مسار المهارات الأنسانية/ المهارات الناعمة:

وهذا يتطلب تطوير القدرات على التواصل والتعامل مع الأخرين، والتسلح بالمرونة والتكيّف مع التغيّر السريع الذي يتسم به العصر الراهن، والتمرن على القيادة الأيجابية وحل المشكلات.

4. مسار القيم والأخلاق:

وتنعكس مهارات ومعارف هذا المسار على جميع متطلبات المسارات الأخرى. ففي استخدام التقنية مثلا، يجب أن تسود متطلبات المسؤولية المجتمعية والبيئية. وفي ممارسة التعامل مع الآخرين يجب ممارسة الشفافية والنزاهة واحترام التنوع الثقافي.

5. مسار الوعي الأقتصادي وريادة الأعمال:

وهذا يتطلب فهم الأقتصاد الرقمي والعمل الحر، كما يتضمن التدريب على التفكير الريادي والإبتكاري، وكذلك التدريب على ادارة المال والأستثمار الذكي.

وبعد،
لا يمكن للمسارات المذكورة أعلاه وغيرها من متطلبات العصر التي يجب أن ينطلق بها نظامنا التعليمي ليصبح أكثر مواكبة لتلك المتطلبات أن تعمل دون موجّه يضمن تناسق سيرها دون تناقض أو تصادم. وهذا بالطبع يتحقق من خلال اعادة صياغة فلسفة التعليم القائمة على الأنتقال من التلقين الى الفهم والأبداع؛ فالتلقين وجد للأموات. وهدف التعليم يجب ألا يكون حفظ المعلومات، وهذا يتطلب إعداد المعلم الموجه وليس الناقل، أي ان ينتقل المعلم من ممارسة التعليم الى مساعدة الطالب على التعلّم الذاتي.

وأخيرا وليس آخرا، أمامنا الكثير من العمل، كل من موقعه، للنهوض بنظامنا التعليمي ليصبح أكثر مواكبة لمتطلبات العصر. ونحن كما قال جلالة الملك في خطاب العرش : “لانملك ترف الوقت”.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى